The Lebanese Flag

 

CENTER FOR DEMOCRACY IN LEBANON™


 


 







نحو انطلاقة جديدة للاقتصاد اللبناني

بقلم كمال الشاعر

 الاربعاء 3 آب 2005

 

كلنا يقدر ما يعانيه الاقتصاد اللبناني نتيجة ما أورثته اياه عقود من الحروب والاحتلال. كما نقدر انه يتمتع في المقابل بمجموعة من المزايا التنافسية لبناء مستقبل مزدهر، أضيف اليها في الفترة الاخيرة تحرره من قوات الاحتلال، مما يتيح أفقاً واسعاً وفرصاً فريدة تنتظر الاقتصاد اللبناني فيها اذا تم ترسيخ توجهات علمية كان البيان الوزاري لحكومة الاستاذ فؤاد السنيورة ألمح الى بعضها وأكد بعضها الآخر.

وكلنا يستذكر في هذا المقام ان الاقتصاد اللبناني كان قد أثبت قبل سنوات البؤس والحروب والاحتلال، انه قادر على التميز والانطلاق الى مدى غير محدود، بحيث استطاع ان يحقق تميزاً مشهوداً في أدائه وكفايته وقدرته على المنافسة والتكيف والانطلاق الى فضاءات أرحب لم تصلها أي دولة من الدول التي يماثل وضعها الوضع اللبناني، مما أهّل لبنان في ذلك العهد المضيء لان يحتل مكانة متميزة بالفرادة والريادة، والسعي المستمر للانطلاق الى آفاق جديدة. وهذا في ذاته ينعش الآمال ويعزز الثقة في امكان الانطلاق الى مدارج أعلى تماماً كما هو الامر بالنسبة الى روح الشعب اللبناني التي أثبتت انها عصية على الفناء، وأنها أقوى من النسيان، وقادرة على الانطلاق حتى لو من بين الركام والرماد كما هو طائر الفينيق.

ان استشراف الآفاق المستقبلية للاقتصاد اللبناني يقتضي بالضرورة الالتفات الى المعطيات الآتية:

 

أولاً - الأعباء والصعوبات:

أ – انخفاض نسب النمو منذ بداية الحرب عام 1975.

ب – فقدان أعداد كبيرة من الضحايا البشرية، قتلى ومعاقين ومهجّرين داخل الوطن وخارجه، يقدر عددهم الاجمالي بمئات الألوف.

ج – نشوء تشوهات اقتصادية حادة، كالعجز الكبير في كل من الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وفي موازنة الدولة، وفي مؤسسة الضمان الاجتماعي، والتزامات التقاعد العسكري والمدني.

د – انهيار قيمة العملة الوطنية وتراكم الدين العام وتفاقمه ليصل الى نحو ضعفي الناتج المحلي الاجمالي، وهي اعلى نسبة تعانيها اي دولة في العالم.

هـ- فقدان الثقة لدى المستثمرين اللبنانيين والعرب والاجانب بسبب الاحتلال في الدرجة الاولى، وحدة التشوهات في الاقتصاد اللبناني في الدرجة الثانية.

 

ثانياً - الميزات:

أ – على الرغم من الصعوبات ان لم تكن الكوارث، التي مرت بلبنان، استمرت سمة الامتياز بنوعية التعليم في الكثير من المؤسسات وخصوصاً في الجامعات والمدارس الابتدائية والثانوية الخاصة والتي جرى تأسيسها قبل مئة سنة ونيف، فحماها تراثها الطويل.

ب – كذلك، فان الصفات الجوهرية التي ميزت الشعب اللبناني عن غيره من الشعوب، وهي قوة روح المبادرة والاجتهاد بالعمل والاعتزاز بارتفاع الانتاجية ونوعيتها العالية، بقيت حية عند اللبنانيين.ج – لا يزال لبنان يتمتع برصيد كبير من التعاطف والمحبة والاحترام في العالم، وبخاصة لدى دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية ودول الخليج ودول اميركا اللاتينية وافريقيا حيث تضم دول عدة منها جاليات كبيرة من المغتربين.

 

ثالثاً - الفرص الجديدة التي اتاحتها استعادة لبنان حريته وسيادته واستقلاله:

أ – استعادة ثقة المستثمرين والتي يمكن ان تتم في مدى لا يزيد على بضعة اشهر، من خلال اعلان برامج اصلاحية مدروسة تلتزم الحكومة اللبنانية القيام بها، على ان ترافق هذه البرامج جداول زمنية وآليات لقياس الاداء.

ب – ان تتبنى الحكومة برنامجاً اقتصادياً يقوم في جوهره على الآتي:

- الاهتمام بنوعية التعليم على جميع المستويات الابتدائية والثانوية والمهنية والجامعية.

- حفظ البيئة ووضع برنامج طموح لازالة التشوهات التي طرأت عليها.

- اقامة شراكة بين الحكومة والهيئات الاقتصادية لتوجيه الانتاج في مختلف القطاعات لكي يركز على انتاج السلع والخدمات ذات القيمة المضافة المرتفعة، التي تستطيع جميع القطاعات الانتاجية تحقيقها لما يتوافر في لبنان من عمالة تمتلك مهارات متقدمة، ورجال اعمال اثبتوا قدراتهم الخلاقة، وان تتوجه هذه المنتجات الى اسواق التصدير الكبيرة، وخصوصاً  الاتحاد الاوروبي ودول الخليج، ويؤدي في المحصلة الى دمج الاقتصاد اللبناني بالاقتصاد العالمي. ان هذا التوجه يحرر الاقتصاد اللبناني من البقاء اسيراً لحدوده البرية. فتلبية الطلب على هذه المنتجات الى دول الاتحاد الاوروبي ودول الخليج تقتضي تصديرها من خلال الشحن الجوي او البحري، وكلاهما اقل تكلفة كنسبة من قيمة هذه السلع، من الشحن البري.  ان فك الاسر هذا سوف يقدم دفعة كبيرة لتعزيز ثقة المستثمرين بلبنان، كما سوف يحقق نسباً مرتفعة من النمو الاقتصادي المستدام تصل الى 6 – 8 %  في السنة بالاسعار الثابتة ويؤدي الى ازدهار المجتمع بجميع فئاته، كما انه سوف يعين المجتمع الدولي على مساعدة لبنان في معالجة عبء الدين العام، على قاعدة ان المساعدة الدولية تقدم الى الدول التي تساعد نفسها اولاً.

- اقامة الحكومة شبكة أمان اجتماعية بمفاهيم وآليات جديدة لا تنحصر في مكافحة الفقر في مفهومه التقليدي، وانما تتجاوزه الى ضمان توزيع متوازن لعائدات الانتاج الاقتصادي والاندماج في الاقتصاد العالمي بما يعزز تمتين النسيج الاجتماعي وتلاحم الوطن.

 

ارجو ان يكون في هذه الملاحظات التي لا ندعي ان كل ما فيها جديد، ولكننا نؤكد ضرورة ما جاء فيها، ما يفيد المرحلة الجديدة المشرقة التي دخلها لبنان، مرحلة ما بعد استقلال 2005.

كمال الشاعر

 رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية 1993 – 2001

مجلس الاعيان الاردني




Copyright © 2005 by Center for Democracy in Lebanon™.
The content throughout this Web site that originates with CDL
can be freely copied and used as long as you make no substantive
changes and clearly give us credit. Details.
Legal Statement
For problems or questions regarding this Web site contact Webmaster.
Last updated: 05/19/11.